موضوع: الحياة مع القران الكريم لفضيلة الشيخ محمد حسنين يعقوب الأربعاء أغسطس 03, 2011 12:19 pm
تحية وسلاما وشهرا مباركا ان شاء الله الحياة مع القران في رمضان
من أعظم مناقب شهر رمضان؛ أنه شهر القران {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ..} [البقرة: 185] .. وللقرآن حلاوة في شهر رمضان ليست في غيره من أيــام السنة .. وكان جبريل عليه السلام يلقى النبي ص كل ليلة في رمضان يدارسه القرآن، حتى أنه ص كان يواصل الصيـــام إلى اليوم التالي من كثرة انشغاله بالقرآن .. عن أنس قال: قال رسول الله ص "لا تواصلوا"، قالوا: فإنك تواصل يا رسول الله، قال "إني لست كأحدكم، إن ربي يطعمني ويسقيني" [رواه الترمذي وصححه الألباني] .. الْمُرَاد بِقَوْلِهِ "يُطْعِمنِي وَيَسْقِينِي" أَيْ: يَشْغَلُنِي بِالتَّفَكُّرِ فِي عَظَمَته وَالتَّمَلِّي بِمُشَاهَدَتِهِ وَالتَّغَذِّي بِمَعَارِفِهِ وَقُرَّة الْعَيْن بِمَحَبَّتِهِ وَالِاسْتِغْرَاق فِي مُنَاجَاته وَالْإِقْبَال عَلَيْهِ عَنْ الطَّعَام وَالشَّرَاب. [فتح الباري (6:232)] فلابد لنا من عنــاية خاصة بالقرآن في هذا الشهر المبـــارك .. وتشتد حاجتنا إلى استشعار لذة القران في زمننا هذا، الذي طغت فيه الماديـــات وصار الناس لا يفكرون سوى في ملذاتهم الحسية وغــاب عنهم صوت العقل ولذة الروح ..
فلابد أن نُقابل تلك الماديـــات الطاغية، بأشواق روحية عـــاليـــــة .. ولن تجد تلك اللذة إلا إذا استشعر قلبك كلام ربِّ العالمين،،
فضــائــــل القرآن 1)القران رحمة .. {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [العنكبوت: 51] .. فالله تعالى قد أكرمنا بتنزيل كلماته لتتلى علينا .. والمؤمنون هم الذين يجدون مسَّ رحمة الله في نفوسهم، وهم الذين يتذكرون فضل الله وعظيم منته على البشرية بهذا التنزيل، وهم الذين ينتفعون بالقرآن؛ لأنه يحيــا في قلوبهم، ويفتح لهم كنوزه، ويمنحهم ذخائره ويشرق في أرواحهم بالمعرفة والنور ..
2) القرآن طمأنينة .. فالسعادة في القلب، والقلب بيد الله يقلبه كيف يشاء .. وليست السعادة بالمال أو الجاه أو الشهوات، وإنما السعادة الحقيقية حينما يُسْعِد الله قلبك برضـــاه .. وحينما أمرنا الله تعالى بالفرح، قال جلَّ جلاله {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس: 58]
ولا مِنَّة أو فضل أعظم من نعمة القرآن التي تفضَّل الله تعالى بها على عبــــــاده .. فالقرآن هو الفرحة الوحيـــدة في زمن الهمُّ والحزن .. يقول الله سبحانه وتعالى {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} [الزمر: 23]
فالحياة مع القرآن نعمة لا يعرفها إلا من ذاقها، وليس أشقى على وجه الأرض ممن يُحْرَمون طمأنينة الأنس بذكر الله،،
3) القرآن صـــانع الرجــــال .. {وَلَوْ أَنَّ قُرْآَنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا ..} [الرعد: 31] .. لكن القرآن صنع أعظم من ذلك في النفوس التي تلقته وتكيَّفت به ..
فكم غيَّر المسلمون من وجه الأرض، إلى جانب ما غيَّروا من وجه التــاريخ .. سيَّروا ما هو أضخم من الجبــال وهو تـــاريخ الأمم والأجيــال، قطَّعوا ما هو أصلب من الأرض وهو جمود الأفكار والتقاليد، وأحيوا ما هو أخمد من الموتى وهم النــاس الذين قتل روحهم الطغيــان والأوهام.
ولن تعود الحيـــاة للأمة إلا بالقرآن،،
4) القرآن شفاء .. {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا} [الإسراء: 82] .. في القرآن شفاء ورحمة لمن خالطت قلوبهم بشاشة الإيمان فأشرقت، وتفتحت لتلقي ما في القرآن من روح وطمأنينة .. فالقرآن شفاء للقلوب من القلق والحيرة والاكتئاب والهوى والطمع والحسد ونزغات الشيطان .. فهو يصل القلب بالله، ويزيل كل ما بها من شهوة تخالف أمر الله .. كما إنه شفاء للأبدان من آلامها وأسقامها.
5) القرآن حماية بعد الهداية .. {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (*) وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ} [الزخرف: 36,37] .. فمن أعرض عن ذكر الرحمن وهو القرآن، سخَّر الله له شيطان ليصده عن سبيل الهداية ويوهمه أنه سائر في الطريق المستقيم حتى تفاجئهم النهاية وهم عنها غافلون.
والقرآن يحميك في طريقك إلى الله، ويصرف عنك شياطين الجن والإنس،،
6) القرآن حيـــاة القلوب .. {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ ..} [الحديد: 16] .. فلا يأس من أن تَدُّب الروح في قلبٍ قد خَمُد وجَمُد وقسا وتبلَّد، فيخشع لذكر الله .. لذلك قال الله تعالى في الآية التالية {اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الحديد: 17]
فالذي أحيا الأرض بعد موتها بماء المطر قادرٌ على أن يحيي القلوب الميتة بما أنزله من الحق على رسوله ص،،
7) القرآن شفيعك .. عن أبي أمامة قال: سمعت رسول الله يقول "اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه .." [رواه مسلم] .. وعن عبد الله بن عمرو : أن رسول الله ص قال "الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي ربِّ منعته الطعام والشهوة فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه" قال "فيشفعان" [رواه أحمد وصححه الألباني]
بعد أن عَرِفنا أهمية القرآن في إحيـــاء الأمة .. بقي أن نعرف كيف نُحصِّل لذة تلاوة القرآن، لاسيما ونحن في شهر القرآن،،
من كتاب اسرار المحبين في رمضان افضيلة الشيخ محمد حسين يعقوب
الحياة مع القران الكريم لفضيلة الشيخ محمد حسنين يعقوب