(حتى تتفطر قدماه) ..مشروع مميز لإحياء العشر الأواخر من رمضان

(حتى تتفطر قدماه) ..مشروع مميز لإحياء العشر الأواخر من رمضان

لأنها آخر عشرة يختم فيها شهر التغيير، ولأنها مرحلة الانتقال الفاصلة إلى عام جديد بعد رمضان بتحدياته من شهوات ونزوات، كانت العشر الأواخر من رمضان متميزة بعدة عبادات على رأسها الاعتكاف، فما السر؟
وكيف سبيل الاغتنام؟
يتحدث علماء التنمية عن قدرة الإنسان في تغيير عادته خلال تدريب يمكن أن يصل إلى 20-22 يوماً، ولعل ذلك يتحقق في أول عشرين يوما من رمضان، فما فائدة العشر الأواخر من رمضان إذاً؟ خصوصا ان فيها حملة نهضة بالنفس والمجتمع للارتقاء بالمستوى الإيماني والخلقي.
يتحدث رئيس المركز العراقي للإبداع والتطوير د. زياد الحسني لـ"الرائد" عن مكانة هذه العشر الأواخر في شهر التغيير رمضان ويقول: "اعتقد أن العشر الأواخر من رمضان نهاية دورة تدريبية يرى فيه المسلم مدى تحقيقه للارتقاء الإيماني والخلقي والذي حاول تحقيقه خلال العشرين يوماً الأولى في رمضان".
الحسني يرى ان رمضان ليس شهراً مخصصاً للعبادات فقط كما يعتقد الجميع، بل هو عبارة عن دورة تدريبية تكتمل بأول عشرين يوماً لتحقق صفاء النفس، ثم يكون الاختبار بقدرة هذا الإنسان على تنفيذ عبادات صعبة تعمق ما وصل إليه من رقي وصفاء في العشرين يوماً الماضية، ولتعطيه شهادة صلاحية للنفس على مواجهة عام جديد سيعقب رمضان بكل تحدياته، و"قضية الاختبار وقضية مواجهة العام الجديد الذي يعقب رمضان هما البعدان الرئيسيان للعشر الأواخر"كما قال الحسني.
وربما يفسر حديث الحسني ما كان يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم مع انطلاق العشر الأواخر من كل رمضان، فكان عليه الصلاة والسلام يعطي لصحابته إشارات على قوة الإرادة، أبرزها كما جاء في الصحيحين انه كان: (يشد مئزره ويحيي ليله ويوقظ أهله للصلاة)، وإشارات أخرى ذكرتها أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في حديثها: (انه كان يجتهد في العشر الأواخر مالا يجتهد في غيرها) مشيرة إلى الأعمال الصالحة كالعبادة والصدقة والذكر الدائم وغيرها.
ويتحدث الحسني عن ليلة القدر وضياع توقيتها المحدد من الأيام العشر الأواخر، فيقول: "في هذه القضية يكون تعويد للمسلمين على اغتنام العشر جميعها وليس فقط ليلة 27 كما يذاع وينتشر، وهي تجعله يركز دائما وهو يقيم العشر الأواخر جميعها ان لا يضيع فرصة محققة بقيام جميع الليالي ويركن إلى فرصة محتملة بقيام ليلة واحدة هي ليلة الـ27 فقط".
ويضيف: "عادة الاستمرار للبحث عن الفرصة لتحقيق الهدف عادة رائعة تعمقها العشر الأواخر، وهذا قضية مهمة جداً على المسلمين الانتباه لها هي المراهنة على الفرص المحققة وليست الاحتمالية".
وحيث إن على الناس الاندفاع نحو تحقيق المعاني التي ذكرها الحسني، فإن الحاجة ستكون ملحة لإيجاد أجواء مناسبة لذلك، وهذا ما أكد عليه الحسني أيضا.
وفي الساحة تجارب عديدة لعدة إفراد ومؤسسات أبدعوا فيها في استثمار هذه العشر الأواخر من رمضان، منها ما تحدث عنه رياض احمد (28 سنة) أحد سكنة مدينة الموصل، إذا يقول لـ"الرائد": "في عادتي اجمع عائلتنا وعوائل عماتي وخالاتي وبعض أقربائي في بيتنا لإحياء بعض ليالي رمضان، وكنت في العشر الأواخر ادعوهم إلى بيتنا لإحياء قيام الليل، مع برنامج ترفيهي وعبادي عائلي جميل حتى صلاة الفجر"، ويقترح احمد على العوائل العراقية أن تأخذ هذه الفكرة، "فمن خلالها يتحقق الكثير.. كإحياء العشر الأواخر وتحقيق صلة الرحم، والتعاون على البر والتقوى"،كما يقول.
يتحدث سلام عمر وهو مسؤول في إحدى مؤسسة المجتمع المدني في بغداد لـ"الرائد" عن نشاطات يمكن أن يتم تبنيها لإحياء العشر الأواخر: "في رمضان السابق قمنا بإحياء عبادة الاعتكاف من خلال جمع 120 طالب جامعي في احد النوادي منذ الصباح الباكر وحتى صلاة المغرب، ووضعنا برنامج عبادي وتنموي وفترات نقاش على الأمة الإسلامية ومشاكلها والحلول المتطلبة، وقد حافظ معظم هؤلاء الطلبة على الاعتكاف بهذه الطريقة حتى نهاية رمضان".
هذه التجربة ربما تشبه الى حد ما تجربة مساجد في إحدى دول الخليج كانوا ينصبون خيم اعتكاف في العشر الأواخر في رمضان في الشوارع ليشارك فيها الناس الذين لا يعتكفون في المساجد، واسموا هذه الخيم "خيم رمضان".
ويضيف عمر: "في العام الحالي، هناك تجارب سنتبناها ان شاء الله لإحياء عبادة الاعتكاف في العشر الأواخر، إذا سنقوم بحملة مشابهة لحملة الداعية عمرو خالد 10 ملايين ختمة، ولكنها ستكون للطلبة حصرا وسيكون موضوعها 10 آلاف طالب معتكف في رمضان في العراق من خلال شبكة علاقات خاصة بأعضاء المؤسسة".
ويضيف عمر: "ستكون هناك برامج عبادية وتنموية خلال ليالي الاعتكاف في بعض المساجد". وقال عمر ان اسم المشروع هو "مشروع حتى تتفطر قدماه"، محاكين فيه حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها حين قالت عن النبي صلى الله عليه وسلم: "انه كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه".
ودعا عمر المؤسسات العراقية لتبني هذا المشروع أو أي مشروع آخر لإحياء العشر الأواخر.
الشيخ سمير العزاوي إمام وخطيب احد مساجد بغداد يرى ان على المسؤولين أن يؤدوا دوراً في إحياء العشر الأواخر، ويذكر مثالاً في حديثه لـ"الرائد" اذا يقول: "بإمكان المسؤولين كديوان الوقف السني توزيع مصاحف مجزأة على أصحاب المحال في بعض المدن ليقوم كل صاحب محل بقراءة جزء واحد من القرآن خلال العشر الأواخر، وستكون النتائج آلاف من الختمات الجماعية للقرآن الكريم في عراقنا الجريح".
ويضيف الشيخ أيضا: "وبإمكان المسؤولين تبني دعم قيام العشرة الأواخر من خلال إعداد موائد سحور جماعي للقائمين في المساجد، ورصد مبالغ لتسهيل إحياء ليلة الـ 27 من رمضان حيث يعتكف الآلف من الناس في المساجد".
ودعا د. زياد الحسني في حديثه لـ"الرائد" إدارة المساجد لإيجاد جو إيماني مناسب للناس لدفعهم للاعتكاف في العشر الأواخر، كفتح المساجد على مدار الساعة في العشر الأواخر، والإكثار من الأضواء والانارات ليلاً، وفتح السماعات الخارجية كلما بدأ القيام وحتى صلاة الفجر".
ولعل معظم الناس اليوم من المسلمين يحاولون الإبداع في أي عمل لهم، ولكن أحداً منهم ربما لم يحاول أن يجدا إبداعاً في إحياء الاعتكاف بعباداته في العشر الأواخر من رمضان، فهذا الحديث هو عن السابقين للخيرات، والى هؤلاء يقدم الشاعر عبد الملك الخديدي وصية حين قال بأبياته:

أُوْصِِيـكَ خَيْـراً بأيََّـامٍ نُسَافِرُهَـا
فِي رِِحْلةِ الصّومِ يَحْيَا القَلبُ نَشْوانَا
فَأَوَّلُ الشَّهْرِ قَـدْ أفْضَـى بِمَغْفِـرَةٍ
بِئسَ الخَلاَئقِ إنْ لَمْ تَلْـقَ غُفْرَانَـا
وَنِصْفهُ رَحْمَـةٌ للْخَلْـقِ يَنْشُرُهَـا
رَبُّ رَحِيْمٌ عَلَى مَنْ صَامَ حُسْبَانَـا
وَآخِرُ الشَّهْرِ عِتْقٌ مِـنْ لَهَائِبِهَـا
سَوْدَاءُ مَا وَفَّرَتْ إنْسًـا وَشَيْطَانَـا

» فضل العشر الاواخر من رمضان
» هيا نقطف العشر زهرات في رمضان
» الايام العشر المباركات في شهر رمضان
» من اعمال العشر اواخر من رمضان بالصور
» برنامج مميز جداااااا