قطر.الندى نائبة المديرة
عدد المساهمات : 1212 نقاط : 16596 السٌّمعَة : 28 تاريخ التسجيل : 03/04/2011 العمر : 48
| موضوع: تذّكر حقوق الايتام وأحسن معاملتهم الأحد مايو 13, 2012 6:12 pm | |
| بسم الله الرحمان الرحيم
من أسمى ما اهتم به الإسلام قيام الآباء بتربية الأبناء ، لكنْ ليس كل الأبناء يتسنّى لهم من يشرف عليهم ويوجههم ، بل إن هناك مشكلة أسرية تطرح نفسها في كل مجتمع ، وتُطلّ برأسها في كثير من الأسر ، ألا وهي مشكلة الأيتام .
والأيتام جمع يتيم ، وهو من فقد والده قبل البلوغ ، أخرج أبو داود عن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( لا يُتْم بعد احتلام )). ومثلُ الأيتام في المعاناة والأسى : الأطفال الذين غاب عنهم آباؤهم غيْبة طويلة ، أفقدتهم الشعور بعاطفة الأبوَّة ، وتركتهم يجابهون بأنفسهم مصاعب الحياة .
هذا ، وقد حثَّ الله تعالى على رعاية اليتيم ، لأنه جزء من قوة الأمة ، وعنصر من عناصر الأسرة المسلمة والمجتمع المسلم . قال الله تعالى في سورة البقرة ، الآية /220 : {وَيَسْلُونَكَ عَنِ آلْيَتَمَى قل إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِن تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَالله يَعْلَمُ آلْمُفْسِدَ مِنَ آلْمُصْلِحِ}.
وأمر سبحانه بإكرامهم ، ونهى عن قهرهم وإذلال نفوسهم ، حتى لا ينفروا ممّن حولهم فيضيعوا في أنفسهم ، ويحقدوا على مجتمعهم ويعادوه . قال تعالى : {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلاَ تَقْهَرْ}الآية/9 من سورة الضحى .
واعتبر الذين يمنعون اليتيم من حقّه ، أو يدفعونه احتقاراً وزجراً ، أو يستعلون على جانبه الضعيف تسلّطاً وامتهاناً ، اعتبرهم ممن يكذّب بعدل الله ويستخف بجزائه في اليوم الآخر .
قال سبحانه في الآية /2 من سورة الماعون :{أَرَءَيْتَ الَّذِى يُكَذّ ِبُ بِالدّيِن (1) فَذَلِكَ الّذِى يَدُعُّ الْيَتِيمَ }.
وهكذا جعل الإسلام برّ اليتيم وحسن تربيته والقيام على شئونه من معالم الإيمان الكامل ، وبوّأ فاعل ذلك مكانة عالية في جنات النعيم ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا - أي متجاورين - وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى )).رواه البخاري والترمذي وأبو داود . فمنزلة كافل اليتيم كمنزلة النبي صلى الله عليه وسلم في جنة عرضها السموات والأرض .
ومما شرعه الإسلام في معاملة اليتيم المسح على رأسه مؤانسة وملاطفة ، حتى يشعر بقربه من الناس وحبهم له ، لعل هذا يخفف من بلائه ويشحذ عزيمته .
أخرج الإمام أحمد عن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((من مسح رأس يتيم ، لم يمسحه إلا لله ، كان له بكل شعرة مرّت عليها يده حسنات )).
وروى الإمام أحمد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمسح رأس اليتيم ثلاثاً ويدعو له بالخير والبر . وأخرج ابن اسحق أن النبي صلى الله عليه وسلم لما علم باستشهاد جعفر بن أبي طالب ، طلب أن يُؤتى بأبنائه إليه ، فأُتي بهم كأنهم أفراخ ، فاحتضنهم وشمّهم ، وذرَفت عيناه عليهم ثم أمر بالحلاق فجىء به فحلق لهم رؤوسهم .
إن كفالة اليتيم لا تقتصر على النواحي الغذائية فقط ، بل يتّسع معناها ليشمل احتضانه وتعليمه والاهتمام بصحته وإعداده نفسياً وتربوياً لمواجهة المستقبل ، والأخذ بيده نحو الفضيلة ، وتقوية روحه وعقله ، وزرع الأمل في نفسه . ومعاملته بصدق وإخلاص ، والحرص على مستقبله وسلوكه ، كما يكون حرص الأب على مستقبل أبنائه وسلوكهم .
لقد حرص الإسلام على رعاية من لا آباء لهم وإكرامهم ، ولم يكتف بالوصية المجردة من أجل ضعفهم ، بل إنه فصّل وصاياه ووضّح أساليب تنفيذها ، ودعا إلى ممارستها واستحضار ثلاثة أمور ، هي من الأهمية بمكان بالنسبة إلى الأيتام ، وهذه الأمور هي : الرفق العام بهم ، والمحافظة على أموالهم إن كان لهم أموال ، والإنفاق عليهم إن لم يكن لهم أموال .
فأما الرفق بمن لا آباء من اليتامى ، فقد شدّد الإسلام على رعايتهم بالمودة وا لعاطفة الصادقة ، تعويضاً لهم عن بعض ما افتقدوه ، وتخفيفاً للمصيبة التي يعانونها وهم صغار لم تَقوَ أعوادهم بعد على مجابهة الحياة وشدائدها ، كما منع إيذاءهم والإضرار بهم ، أو النظر إليهم نظرات قاسية تنفرّهم ، لأنهم إن تعوّدوا النظرات الجافية المُبغضة ، وعودهم لا يزال غضاً طرياً ، تولّد في نفوسهم النفور من الناس ، فيكبُرون وقلوبهم ممتلئة حقداً على المجتمع ، لأنهم عاشوا فيه منبوذين ،فلا غرابة أن يتولّد في أنفسهم الشذوذ والانحراف ، والجفوة والعداوة ، بدلاً من الألفة والمحبة . ومن هنا قال النبي صلى الله عليه وسلم ((خيرُ بيت في المسلمين بيتٌ فيه يتيم يُحسن إليه ، وشرُّ بيت في المسلمين بيتٌ فيه يتيم يُساء إليه )) رواه ابن ماجه .
وفي سبيل تحقيق هذا النوع من الرفق وتنفيذه رغّب الإسلام في مخالطة اليتامى ومؤاكلتهم ودمجهم في المجتمع ، ومباركتهم بالمحبة وإشعارهم بقرب الناس منهم قال تعالى :{قُلْ إِصْلاَحُُ لَّهُمْ خَيْرُُ وَإِن تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَنُكُمْ}.الآية 220/البقرة.
أما الأمر الثاني : وهو المحافظة على أموالهم إن كان لهم أموال ورثوها أو أهديت إليهم ، فيتوجب على كافلهم العمل على تنميتها واستثمارها وزيادتها بالبيع والشراء بما يعود عليهم من الربح الحلال ، والمال المبارك . قال النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم صلى فيما يرويه الطبراني : (( اتجروا في مال اليتيم حتى لا تأكله الصدقة )) أي حتى لا ينقص ماله بأخذ الزكاة منه عاماً بعد عام .
ولقد شدد الإسلام في المحافظة على مال اليتيم لئلا يتجرّأ أصحاب النفوس الضعيفة على الصغير العاجز ، الغافل القاصر . قال تعالى في سورة النساء الآية /9 :{إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَمَى ظُلْماً إِنَّمَايَأْكُلُونَ فِى بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً }.
وعدّ النبي صلى الله عليه وسلم مد اليد بالسوء إلى مال اليتيم من أكبر الكبائر . فقال فيما رواه الشيخان: (( اجتنبوا السبع الموبقات _ أي المهلكات _ قيل : وما هنَّ يا رسول الله ؟قال : الشرك بالله ، وقتل النفس التي حرّم الله إلا بالحق ، والسحر ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم ، والتولّي يوم الزحف ، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات )). وأما الأمر الثالث المتعلق باليتيم فهو الإنفاق عليه إن لم يكن له مال ، فقد أوجب الإسلام نفقته على قريبه الغني ، لأنها من توابع صلة الرحم ، وخصوصاً إذا كان فقيراً محتاجاً . وقد اعتبر القرآن الكريم الإنفاق على اليتيم من أقرب القربات إليه سبحانه ففي سورة البقرة ، الآية /177 :
{لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْءَامَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الأَخِرِ وَالْمَلَئِكَةِ وَالْكِتَبِ وَالْنَّبِيِّنَ وَءَاتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِى الْقُرْبَى وَالْيَتَمَى}.
وفي سورة البلد الآية من (11 - 15) { فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (15) }
ولم يكتف الإسلام بتلك الدعوات المستمرة إلى إنفاق المال على اليتيم وإطعامه وشراء ما يحتاج إليه ، بل نظّم ذلك قضائياً ، وأوجب على أقربائه الأغنياء كفالته والإنفاق عليه إذا لم يكن له مورد يعيش منه ، فإذا توانى هؤلاء الأقرباء الأغنياء عن هذا الواجب الديني والاجتماعي ،أُخذ منهم بالقوة عن طريق القضاء ، تحقيقاً للتكافل الأسري الاجتماعي .
أما إذا لم يكن لليتيم قريب غني ينفق عليه ، فإن نفقته تكون من الخزانة العامة للمسلمين ، وهو ما كان يعبرّعنه سابقاً ببيت المال .وروى الشيخان وأحمد وأبو داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( من ترك مالاً فلورثته ، ومن ترك كَلاً _ أي عيالاً وأسرة _ فإليَّ وعليَّ )) أي يكونون في كفالة الدولة وتحت مسئوليتها .
وهكذا يتضح مقدار اهتمام الإسلام بالأسر التي افتقدت معيليها ، والأسلوب الإنساني الذي دعا إلى ممارسته مع أفراد الأسر اليتامى والضعفاء ، حتى يُخفّف من مصيبة اليتم عنهم ، ويُكوّن منهم رجالاً كباراً تتوثّق صلاتهم بأمتهم ، ويُخلصون لها في التضحية والبذل والبناء ، لأن المسلمين جميعاً كالجسد الواحد .
المصدر : الدكتور. حسن أبو غدّة | |
|
بنت العرب مشرفة منتدى المطبخ
عدد المساهمات : 166 نقاط : 14000 السٌّمعَة : 6 تاريخ التسجيل : 03/05/2012
| موضوع: رد: تذّكر حقوق الايتام وأحسن معاملتهم الأحد مايو 13, 2012 7:14 pm | |
| | |
|
قطر.الندى نائبة المديرة
عدد المساهمات : 1212 نقاط : 16596 السٌّمعَة : 28 تاريخ التسجيل : 03/04/2011 العمر : 48
| موضوع: رد: تذّكر حقوق الايتام وأحسن معاملتهم الإثنين مايو 14, 2012 7:44 pm | |
| | |
|