السلام عليكم ورحمة الله
جهاد النفس
وتربيتها قال إبراهيم بن علقمه لقومٍ جاءوا من الغزو :
قد جئتم منالجهاد الأصغر .. فما فعلتم في الجهاد الأكبر ؟!
قالوا : وما الجهاد الأكبر؟!
قال : جهاد القلب !
وقال ابن رجب : " وكذلك جهاد العدو الباطن .. وهو جهادالنفس والهوى .. فإن جهادهما من أعظم الجهاد "
وقال ابن القيم رحمه الله : " ولما كان جهاد أعداء الله في الخارج فرعاً على جهاد العبد نفسه في ذات الله كما قالالنبي صلى الله عليه وسلم : ( المجاهد من جاهد في طاعة الله ، والمهاجر من هجرمانهى الله عنه ) . كان جهاد النفس مقدماً على جهاد العدو في الخارج .... "
وسألأحدهم عبدالله بن عمر رضي الله عنهما عن الجهاد فقال له : " إبدأ بنفسك فجاهدها .. وابدأ بنفسك فاغزها "
يامن يجاهد غازياأعداء = دين الله يرجوا أن يُعانوينصرا
هلاّ غشيت النفس غزواً إنها = أعدى عدوّك كي تفوز وتنصرا
مهماعنيتجهادها وعنادها = فلقد تعاطيت الجهاد الأكبراالنفس ! ... ذلك السر الكامن بين جوانح كل إنسان
النفس ! ... تقودك إلى الهلاك أو تقودهاإلى بر الأمان
النفس ! ... عجيبة فريدة في أحوالها
النفس ! ... بحر الأمانيومستودع الأسرار
النفس ! ... تميل إلى رغائبها الآنيه وهواها
النفس ! ... يعجبها أن تسير طليقة لا حاجز يحجزها عن رغبتها
النفس ! ... كالطفل إن تهمله شبعلى حب الرضاع وإن تفطمه ينفطمِ
النفس ! ... أفلح وفاز من زكاها .. وخاب وخسر مندسّاها
النفس ! ... مالدابة الجموح بأحوج إلى اللجام منها
النفوس ثلاثة :
1- النفس الأمارة : وهي التي تأمرك باللذاتوالشهوات وتحض على الأخلاق الذميمه .
2- النفس اللوامه : وهي التي فيها من نورالإيمان ما ينبهها كلما غفلت فوقعت في سيئة فتلوم نفسها .
3- النفس المطمئنة : وهي التي اكتمل فيها نور الإيمان .. رفضت كل ذميم .. واتصفت بالصفات الحميدة .
قال ابن علاّن : " المجاهدة : مفاعلة من الجهد ، أي الطاقة .. فإن الإنسانيجاهد نفسه باستعمالها فيما ينفعها حالاً ومآلاً .. وهي تجاهده بما تركن إليه "
جهادنا لأنفسنا لا يتعارض مع حبنا لها .. فحبنا لها يدفعنا إلى أن نبذلقصارى جهدنا في سبيل نجاتها من النيران وفوزها بجنة الرضوان ..
المعاهدة :
قال تعالى : ((وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدهاوقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون))
كيفية المعاهدة : أنيخلوا المؤمن بنفسه بينه وبين ربه ويقول لها : إنك يانفس أعطيت العهد لله فيالوقفات اليومية التي تقفين فيها بين يدي الله سبحانه وتعالى ، وتناجينه بلسان عربيمبين : (( إياك نعبد و إياك نستعين ، اهدنا السراط المستقيم ، سراط الذي أنعمتعليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين ))
أليس يانفس في هذا إقرار منك : على أنلا تعبدي إلا الله ، وأن لاتستعيني إلا به ، وعلى أن تلتزمي طريق الله المستقيمالذي لا يعتريه العوج ولا الإلتواء ... ألا وهو طريق الإسلام ، وعلى أن تحيدي عنطريق الين ضلّوا وغضب الله عليهم من أهل الملل الأخرى ؟!!!
فإذا كان الأمر كذلك .. فحذار يانفس أن تخيسي بالعهد بعد أن جعلت الله عليك رقيبا ، وحذار أن تتنكبي عنالسراط الذي رسمه الإسلام بعد أن جعلت الله عليك شهيدا ... وحذار أن تتبعي سبيلأقوام ضلوا وأضلوا .. بعد أن جعلت الله عليك كفيلا ...
حذار يانفس من الكفر بعدالإيمان .. وحذار من الضلال بعد الهدى .. وحذار من الفسوق بعد الإلتزام ..
لذا شارط نفسك أخي وشارطي نفسك أختي كل يوم أن تلتزم هذه المواثيق التيتعطيها كل يوم وليلة أكثر من سبع عشرة مرة .. ثم احملها على الوفاء بها .. وتنفيذها .
المراقبة :
يقول الامام ابن القيم رحمه الله " المراقبة هي دوام علمالعبد وتيقنه بإطلاع الحق سبحانه وتعالى على ظاهره وباطنه .. فاستدامته لهذا العلمواليقين هي المراقبة وهب ثمرة علمه بأن الله سبحانه وتعالى رقيب عليه .. ناظر إليه .. سامع لقوله .. وهو مطلع على عمله في كل وقت وكل لحظة وكل نفس وكل طرفة عين " .
والمراقبة تأتي قبل الإتيان بأي عمل
كيفية المراقبة :
إذا تحركت النفسلعمل من الأعمال ، وهم به العبد ، وقف أولا ونظر : هل هذا العمل مقدور عليه ، أمغير مقدور عليه ولا مستطاع ، فإن لم يكن مقدوراً عليه أحجم عن الإقدام عليه .
وإن كان مقدوراً عليه وقف وقفة أخرى .. ونظر : هل فعله خير له من تركه ، أم أنتركه خير من فعله ؟ .. فإن كان الثاني تركه ولم يقدم عليه .
وإن كان الأول وقفوقفة ثالثة : هل الباعث عليه إرادة وجه الله عز وجل وثوابه؟؟ ، أم إرادة الجاهوالثناء والمال من المخلوق ؟؟ فإن كان الثاني لم يقدم عليه .. وإن أفضى به إلىمطلوبه ، لئلا تعتاد النفس الشرك والرياء .
المحاسبة :
قال تعالى : ((يآأيها الذين ءامنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بماتعملون * ولا تكونوا كالذين نسوا الله فانساهم أنفسهم اولئك هم الفاسقون))
وقالالحسن رضي الله عنه : (( المؤمن قوام على نفسه ، يحاسب نفسه لله ، وإنما خف الحسابيوم القيامة على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا ، وإنما شق الحساب يوم القيامة علىقوم أخذوا هذا الأمر على غير محاسبة ))
المحاسبة تأتي بعد العمل وهي ثلاثة أنواع :
الأول : محاسبة النفس على طاعة قصرت فيها من حق الله تعالى ، فلم توقعها علىالوجه الذي ينبغي ، وحق الله في الطاعة ستة أمور وهي :
الإخلاص في العمل ،والنصيحة لله فيه ، ومتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وشهود مشهد الإحسان ،وشهود منّة الله عليه ، وشهود تقصيره بعد ذلك كله ...
فيحاسب نفسه هلة وفى هذهالمقامات حقها ؟ وهل أتى بها في هذا العمل ؟
الثاني : أن يحاسب نفسه على كلعمل كان تركه خير له من فعله .
الثالث : أن يحاسب نفسه على أمر مباح لِمَفعله ؟؟ وهل أراد به وجه الله تعالى والدار الآخرة فيكون رابحاً .. أم أراد بهالدنيا وعاجلها ؟؟ فيخسر ذلك الربح ويفوته الظفر به .
وحقيقة المحاسبة أنينظر المؤمن في رأس المال ! وفي الربح ! وفي الخسارة ! ليتبين له الزيادة منالنقصان على عادة التجار .
فرأس المال / هذا الدين وما اشتمل عليه من أوامرونواه وتكاليف وأحكام .
والربح / فعل الطاعات وترك المنهيات .
والخسارة / إرتكاب الذنوب والمعاصي والآثام .
فحين ينظر المؤمن في رأس المال ويوازن بينالربح والخسارة ويتوب عما وقع فيه من أخطاء ... ويجتهد أكثر مما فعله من محاسن .. فيكون ممن حاسبوا أنفسهم قبل أن يحاسبوا .. ووزنوها قبل أن يوزنوا .. ونظروا ماذايقدمون لغد .
لذا حاسب نفسك على الصغيرة والكبيرة واعقد العزم على أن تكونلك ساعة آخر النهار تخلوا فيها بينك وبين ربك .. لتنظر ماذا قدمت ليوم المعاد؟؟
هذه الخطوات الثلاث من أهم طرق جهاد النفسوتربيتها وتزكيتها
المصـادر :
- سلسلة مدرسة الدعاة - عبدالله ناصحعلوان
- تزكية النفوس - أحمد فريد
- فقه المراقبة - أحمد جاد
- هل جاهدتنفسك - أزهري أحمد محمود
اللهم ثبتنا على دينك
آمين